أمين الأمة(أبو عبيدة بن الجراح)
أمين الأمة(أبو عبيدة بن الجراح)
أمين الأمة هو عامر بن عبد الله بن الجرّاح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كنانة، يكنّى بأبي عبيدة، وأمّه هي: أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العُزّى بن عامرة بن عميرة بن وديعة، كان أبو عبيدة طويل القامة، نحيف الجسم، معروق الوجه، خفيف اللحية، أثرم، ومن الجدير بالذكر
إسلام أبى عبيدة بن الجراح
وقد أسلم على يد أبي بكر الصّديق في بداية الدعوة المكيّة، وبشّره الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالجنّة؛ حيث قال: (أبو بكرٍ في الجنةِ، وعمرُ في الجنةِ، وعليٌّ في الجنةِ، وعثمانُ في الجنةِ، وطلحةُ في الجنةِ، والزبيرُ في الجنةِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ في الجنةِ، وسعدُ بنُ أبي وقاصٍ في الجنةِ، وسعيدُ بنُ زيدِ بنُ عمرو بنُ نُفَيْلٍ في الجنةِ، وأبو عبيدةَ بنُ الجراحِ في الجنةِ)،
رسول الله يلقبه بأمين الأمة
لقد كان لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقابا منهم الصديق والفاروق ودى النورين وصاحب السر وسيف الله وغيرهموقد لقّبه رسول الله بأمين الأمة، وذلك لمّا جاء أهلُ نجرانَ إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قائلين له: (ابعث لنا رجلاً أميناً، فقال: لأبعثنَّ إليكم رجلاً أميناً حَقَّ أمينٍ، فاستشرَفَ لهُ الناسُ فبعثَ أبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ)، وقال أيضاً الرسول: (إنَّ لكلِّ أمَّةٍ أميناً، وإنَّ أميننَا، أيَّتُها الأمَّةُ، أبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ).
مواقف من حياة أمين الامة
كان أبو عبيدة مثالاً يُقتدى به بالإيمان والثبات وحُسن الخلق والتواضع، وفيما يأتي بعض المواقف التي تبيّن ذلك:
غزوة بدر
: سطّر أبو عبيدة في معركة بدر موقفاً من مواقفه العظيمة التي تدلّ على عُمق إيمانه وقوّة عقيدته، وأنّ الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، فممّا ذُكرأنّ أباه الجراح بن هلال كان مُحارباً لله ورسوله، وقد خرج لقتال المسلمين في معركة بدر، فلمّا تصدّى لقتال أبي عبيدة -رضي الله عنه- قاتله أبو عبيدة وجالده حتى قتله، فكان ذلك سبب نزول قول الله تعالى: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
غزوة أُحد:
كان أبو عبيدة في غزوة أُحد على موعد جديد وموقف من مواقف الثبات والشجاعة، فعندما دارت المعركة على المسلمين وولّى من ولّى وانهزم من انهزم، حتى إنّ رسول الله رُمي في وجهه ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه الشريفتين، ثبت قلّة من الناس حول رسول الله وكان منهم أبي عبيدة، فقال أبو بكر رضي الله عنه: (أسرعت نحو رسول الله، وإذ برجل يركض نحو رسول الله كالبرق وإذ بأبي عبيدة، فلمّا وصلنا إلى رسول الله هممت بأن أنزع حلقات المغفر من وجنتيه، فقال لي أبو عبيدة: أسألك بالله يا أبا بكر ألا تركتني فأنزعها أنا، فتركته، فأمسك بالحلقة بأسنانه فنزعها، ثمّ سقط على ظهره وفقد ثنيته، ثمّ عاد فأمسك الحلة الأخرى وسحبها من وجنتي رسول الله فانتزعها وفقد الثنية الأخرى)، فأصبح أبو عبيدة أثرم.
غزوة ذات السلاسل:
كان أميرها عمرو بن العاص رضي الله عنه، حيث واجه المسلمون عدواً هائل العدد والعدّة، فأرسل عمر بن العاص إلى رسول االله يطلب منه المدد، فأرسل إليه جيشاً فيه أبو بكر وعمر وأميره أبو عبيدة رضي الله عنهم، فلمّا وصلوا قال لهم عمرو: (أنا أميركم)، فقالوا: (إنّما أنت أمير أصحابك، وأميرنا أبوعبيدة)، فقال لهم عمرو رضي الله عنه : (إنّما أنتم مدد لي)، فلمّا رأى أبو عبيدة ذلك، قال: (تعلم يا عمرو أنّ رسول الله قال لي: إن قدمت على صاحبك فتطاوعا، وإنّك إن عصيتني أطعتك)، فضرب أبو عبيدة بهذا الموقف مثالاً رائعاً بحُسن الخلق والتواضع.
تولى أبى عبيدة وفتوح الشام
كان تفكير المسلمين نحو فتح الشام يتخذ خطوات عملية منذ عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق؛ فقد سعى إلى تكوين جيش قوي يجمع صناديد العرب وأبطال المسلمين، وجعله في أربعة ألوية اتجهت إلى غزو الشام، جعل على أحدها أبا عبيدة بن الجراح، وعلى الثاني عكرمة بن أبي جهل، وعلى الثالث يزيد بن معاوية، وعلى الرابع عمرو بن العاص، وعيّن لكل لواء منها جهة يغزوها.وعندما لقيت تلك الجيوش مقاومة شديدة من الروم اجتمعت على أمير واحد هو أبو عبيدة، فاستدعى الصديق خالد بن الوليد من العراق ليكون أميرا على جيوشه كلها، وتحرك خالد على رأس الجيش متوجها إلى الشام، فأقام شهرا على ضفة اليرموك دون أن يتعرض له الروم، وتوفي أبو بكر، وتولى عمر بن الخطاب الخلافة، فكان أول ما استفتح به عهده أن أمر بعزل خالد وتولية أبي عبيدة حينما رأى افتتان المسلمين بخالد، بعد الذي حققه من انتصارات، وما أذيع حوله من بطولات.
انتصارات ومشاورات
ولكن أبا عبيدة كتم الأمر ولم يذع نبأ عزل خالد حتى لا يفتّ ذلك في عضد خالد وجنوده، خاصة وهم مقبلون على معركة عظيمة فاصلة هي معركة اليرموك، واستطاع خالد أن يحقق انتصارا حاسما في تلك المعركة،
وفاة أبى عبيدة بن الجراح
توفّي أبا عبيدة -رضي الله عنه- في السنة الثامنة عشر للهجرة، حيث بلغ من العمر ثمانٍ وخمسين سنة، بعد أن أصيب بطاعون عمواس، وصلّى عليه معاذ بن جبل -رضي الله عنه- ثمّ دُفن.