كيف يتوضأ المسلم
كيف يتوضأ المسلم
عرّف الوضوء في الشّرع الإسلاميّ على أنّه المقصد الأوّل في طهارة المسلم، فلا تصحّ الصّلاة دون الوضوء، فهو شرطٌ من شروطها،
معنى الوضوء
وهو غسل أعضاءً معيّنةً من جسم الإنسان، ومسحها، والوضوء مشتقٌّ من الوضاءة وهي نظافة المسلم، وحسنه، والنّور الّذي يخرج نتيجة غسل أعضائه، وهو أيضاً اسمٌ آخر للماء الّذي يتمّ الوضوء به. ولنا في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أسوةٌ حسنةٌ، يقتدي المسلم بها، الاقتداء به في أدائه للعبادات، ومنها إسباغ الوضوء، ويعني ذلك إتمام الوضوء، والحسن، والإتقان في أدائه، كما كان يتقنه رسول الله، فقد قال:(إذا قمتَ إلى الصلاةِ فأسبغِ الوضوءَ ، و اجعلْ الماءَ بين أصابعِ يديْكَ و رجلَيْكَ)، فإسباغ الوضوء سببٌ في تكثير الحسنات، ورفعة الدّرجات، فقد حذرّ رسول الله من الإهمال في إيصال الماء إلى أماكنه، والإسباغ في ذلك، مع التّحجّج بأنّ هنالك أسبابٌ تمنع من ذلك، ومن هذه الأسباب:أن يكون الماء بارد
1- أو أن يكون المسلم مكثراً من الثّياب،
2- أن لا يتواجد مكاناً فيه راحةٌ للوضوء،
والكثير من الأسباب، لذلك على المسلم أن يحرص على اتّباع سنّة رسول الله في الوضوء.
خطوات الوضوء بالتّرتيب
حتّى يتمّ المسلم وضوءه بالطّريقة الصّحيحة الّتي أمر بها الله -تعالى- عليه أن يؤدّي خطوات الوضوء بالتّرتيب الّتي جاءت به، وفيما يأتي عرضٌ لخطوات الوضوء مرتّبة وهي:
أن يبتدئ وضوءه بالنّية، وهي شرطٌ أساسيٌّ لصحّة الوضوء، فقد روي عن عمر بن الخطّاب أنّه قال:(إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ)، فالنّية أمرٌ أساسيٌّ في كلّ ما يفعله الإنسان، ومن ذلك الوضوء فلا يصحّ أن يتوضّأ دون أن ينوي ذلك، والنّية تكون في القلب، ومن الأفضل أن لا يقوم المسلم بالتّشدد في نيّته؛ حتّى لا يؤدّي ذلك إلى دخوله في باب الوسوسة.
1-أن يسمّي عند وضوئه، فيقول بسم الله الرّحمن الرّحيم، وتعدّ التّسمية من سنن الوضوء، حسب اتّفاق جمهور العلماء.
2- أن يغسل كفيّه ثلاث مرّات، وغسل الكفيّن من سنن الوضوء، وممّا يدلّ على أنّ هذا الغسل ليس من واجبات الوضوء قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فإنّ غسل الكفيّن لم يذكر في الآية الكريمة، بل بُدئت بغسل الوجه.
3- أن يقوم بالمضمضة،
والاستنشاق، فالمضمضة تعني وضع الماء في الفم، وإدارته، أمّا الاستنشاق فيعني اجتذاب الماء بالنّفس، ثمّ القيام بدفعه بقوّة النّفس، ومن سنن الوضوء عند المضمضة أن يقوم المسلم باستخدام السّواك إن كان باستطاعته ذلك، وأن يقوم بالمضمضة، والاستنشاق من خلال استخدام كفٍّ واحدة ثلاث مرّات، أمّا إن قام المسلم بأدائها مرّةً واحدةً فلا بأس في ذلك، وأن يقوم بالمبالغة في المضمضة، والاستنشاق، وذلك في حالة إن كان غير صائم، أمّا إن كان صائماً فلا يجوز له المبالغة.
أن يقوم بغسل وجهه، مرّةً واحدةً،
4-غسل الوجه مرّةً يعدّ من فروض الوضوء، أمّا السّنة ان يقوم المسلم بغسله ثلاث مرّات، والمقدار الواجب غسله من الوجه يبدأ طولاً من بداية جبهة الإنسان، عند منبت الشّعر، إلى أسفل اللّحية، واللّحية تقسم إلى قسمين:اللّحية الكثيفة، وهي واجبٌ غسل ما يظهر منها، أمّا السّنة أن يقوم المسلم بتخليلها، وذلك أن يقوم بإيصال الماء إلى جميع اللّحية في داخلها، وخارجها، واللّحية الخفيفة، وهي واجبٌ غسل ظاهرها، وباطنها، وعرض الوجه من الأذن الأولى إلى الأذن الثّانية.
5- أن يقوم بغسل يديه الاثنتين إلى مرفقيه، مرّةً واحدةً، وغسل اليدين يعدّ من فروض الوضوء، أمّا السّنة أن يقوم بغسلهما ثلاثاً، وأن يدخل الماء بين أصابعه، ويمتدّ غسل اليدين من طرف الأصابع انتهاءً بالمرفق الّذي يقع بين ذراع الإنسان وعضده، قال تعالى:(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)
6- أن يقوم بمسح رأسه، وذلك مرّةً واحدةً، ويعدّ مسح الرّأس من فرائض الوضوء، ويكون المسح من مقدّمة الرّأس إلى منتهاه، ومن السّنة أن يقوم المسلم بوضع يديه على مقدّمة رأسه ثمّ المرور بهما على الرّأس والشّعر إلى نهايته، ثمّ العودة إلى مكان ما بدأ. قال تعالى:(وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)
7- أن يقوم بمسح أذنيه، ويعدّ مسح الأذن تابعٌ لمسح الرّأس، ومن السّنة أن لا يقوم المسلم باستخدام ماءٍ جديدةٍ لمسح أذنيه، بل يستخدم نفس الماء الّذي مسح به رأسه، ويكون مسح الأذنين بإدخال السّبابتين داخل الأذنين، ثمّ استخدام الإبهامين في مسح ظاهر الأذنين.
8- أن يقوم بغسل القدمين مع الكعبين، ويعدّ ذلك من فروض الوضوء، وذلك لقوله تعالى:(وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
الاذكار بعد الوضوء
"أشْهَدُ أن لا إله إلا الله وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشْهَدُ أنَّ محمداً عَبدُهُ ورسُولُه".
"اللَّهُمَّ اجْعَلْني مِنَ التَّوَّابينَ واجْعَلْنِي من المُتَطَهِّرِينَ".
"سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبَحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ".
"اللَّهُمَّ اجْعَلْني مِنَ التَّوَّابينَ واجْعَلْنِي من المُتَطَهِّرِينَ".
"سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبَحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ".
فضل الوضوء
1) الوضوء يمحو الله تعالى به الذنوب:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قَطْر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئةٍ كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قَطْر الماء، فإذا غسل رِجْليه خرجت كل خطيئةٍ مشَتْها رِجْلاه مع الماء أو مع آخر قَطْر الماء، حتى يخرُجَ نقيًّا من الذنوب))؛ مسلم -
(2) الوضوء يرفع درجات العبد في الجنَّة:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرةُ الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط))؛ مسلم
(3) الوضوء سبيل الجنة:
روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلالٍ عند صلاة الفجر: ((يا بلال، حدِّثْني بأرجى عملٍ عملتَه في الإسلام؛ فإني سمعتُ دفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة))، قال: ما عملتُ عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طُهورًا في ساعة ليلٍ أو نهارٍ إلا صليتُ بذلك الطُّهور ما كُتب لي أن أصلِّيَ))؛ (البخاري - مسلم - حديث: 2458
(4) الوُضوء نورٌ للمسلم يوم القيامة:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تبلُغُ الحِلية من المؤمن حيث يبلُغُ الوضوءُ))؛ مسلم
(5) الوضوء يحُلُّ عُقَدَ الشيطانِ:
روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يعقِدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَدٍ، يضرب كل عقدةٍ: عليك ليل طويل فارقُد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيثَ النفس كسلانَ))؛ البخاري - مسلم
(6) الوُضوء يُميِّز الأمة المحمدية عن غيرها يوم القيامة:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: ((السلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددتُ أنا قد رأينا إخواننا))، قالوا: أوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: ((أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ))، فقالوا: كيف تعرف مَن لم يأتِ بعدُ من أمتك يا رسول الله؟! فقال: ((أرأيت لو أن رجلًا له خيلٌ غرٌّ محجَّلة، بين ظَهْرَيْ خيلٍ دُهمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيلَه؟!))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنهم يأتون غُرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرَطُهم على الحوض، ألا لَيُذَادَنَّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضالُّ، أناديهم: ألَا هلُمَّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سُحْقًا سُحْقًا))؛ مسلم
(7) الوُضوء نصف الإيمان:
روى مسلمٌ عن أبي مالكٍ الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطُّهور شَطْرُ الإيمان))؛ مسلم