-->

شاعر الرسول (حسان بن ثابت)

شاعر الرسول (حسان بن ثابت)

    شاعر الرسول (حسان بن ثابت)
    (شاعر الرسول (حسان بن ثابت)
    مكانة الشاعر عند العرب
     كان للشاعر عند العرب في العصر الجاهليّ مكانةٌ عظيمةٌ؛ إذ كان الشاعر عندهم بمثابة المُدافع الأول عن عِرض القبيلة، وهو المثير لمشاعر أبنائها والمعزّي لهم عند المصائب، وهو الذي يُحمّس المقاتلين ويرفع من معنوياتهم في المعارك والحروب، ويذكّرهم بالانتقام والثأر، وهو مصدر الفرح واللهو الذي يملأ الوقت بالشعر والأناشيد، وقد وضح ذلك ابن رشيق في كتابه العمدة في محاسن الشعر وآدابه، حيث قال: (كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعرٌ أتت القبائل فهنّأتها، وصُنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان؛ لأنّه حمايةٌ لأعراضهم، وذبٌّ عن أحسابهم، وتخليدٌ لمآثرهم، وإشادةٌ بذكرهم، وكانوا لا يهنّئون إلا بغلامٍ يولد، أو شاعرٍ ينبغ فيهم، أو فرسٍ تنتج)، وقد أكد العديد من المؤرخين على عظم مكانة الشاعر عند العرب، 
    شاعر الرسول شاعر الرسول صلّى الله عليه وسلّم          

    هو حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي، وأمّه فريعة الخزرجيّة، ويرجع نسبه إلى قبيلة الخزرج التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، واستقرت في المدينة المنوّرة مع سكانها؛ وهم الأوس، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ ثمّة صلة قرابةٍ بين حسان بن ثابت -رضي الله عنه- والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ إذ إنّ نسب حسان يرجع إلى بني النجار، الذين هم أخوال الرسول صلّى الله عليه وسلم، وقد ولد حسان بن ثابت في المدينة المنوّرة قبل مولد النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بثمانية أعوامٍ، وشبّ وترعرع فيها، وقد أثّرت الحروب والنزاعات بين قبيلته الخزرج وقبيلة الأوس في شخصيّته، وصقلتها حتى أصبح شاعر قبيلته، والناطق باسم الخزرج في تلك الحروب؛ ممّا جعل له شهرةً وسمعةً في بلاد العرب، بالإضافة إلى أنّه كان يتواصل مع الغساسنة، ويمدحهم بشعره، وينال الأعطيات منهم؛ جزاءً لذلك، فعاش حياته متنعّماً وفي رغدٍ من العيش، وكان له علاقةٌ بالنعمان بن المنذر ملك الحيرة، فأخذ مكان شاعره النابغة فترةً من الزمن، عندما كان على خلافٍ معه، وقد صقل اختلاطه بالملوك موهبته الشعريّة، وتوسّع في باب المدح والهجاء، وممّا كان يميز أداءه الفنّيّ؛ استخدام العبارات القويّة، والألفاظ الجزلة، والتعظيم والتفخيم.


    الشعر في الإسلام

    لقد تباين موقف الإسلام من الشعر والشعراء؛ فكان موقف الإسلام من شعراء الكفر الذين بذلوا جهدهم في الهجوم على الإسلام، وهجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإيذاء أصحابه رضي الله عنهم، أن وصفهم القرآن الكريم بالضلال، بالإضافة إلى أنّ موقف القرآن الكريم من الشعر، كان تأكيداً على أنّ ما نزل على رسول الله -صلّى الله عليه سلّم- ليس له أيّ صلةٍ بالشعر، وإنّما هو كلام ربّ العالمين، ومعجزةٌ تحدّى الله تعالى بها شعراء العرب وفصحاءهم بأن يأتوا بمثلها، فعجزوا، وقد نفى الله تعالى الشعريّة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ)،[٥] وقد كره النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- شعراء الكفر ونفر منهم، بينما استعان بشعراء المسلمين وطلب منهم الدفاع عنه بالشعر، وفي الحقيقة؛ فإنّ نظرة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- للشعر كانت كنظرته لباقي الكلام؛ فالشعر الذي يدعو إلى الخير ويشجع عليه كالكلام الذي يدعو إليه، والشعر الفاحش الذي يدعو إلى الشرّ كالكلام الذي يدعو إلى الشرّ.[

    اعتنق حسان بن ثابت الإسلام
    في سن كبير؛ فقد كان عمره في هذا الوقت حوالي ستين  عامًا.
    كان من أكثر المدافعين عن النبي ضد هجوم كفار قريش.
    كان يرد على الكفار بالقصائد الشعرية التي تهجوهم وتنتقد هزائمهم في المعارك السابقة التي خاضوها ضد المسلمين.
    لم يذكر الأصنام أو الأوثان في هذه القصائد.
    قرّبه النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه، وبعد موته؛ تقرّب إلى الخلفاء الراشدين.
    أهدى النبي حسان جاريةً أعطاه له المقوقس ملك القباط، وتزوجها، وأنجب منها ولدًا سمّاه عبد الرحمن.
    يُقال: إن هذه الجارية والتي تدعى سيرين بنت شمعون؛ هي أخت مارية القبطية زوجة الرسول الكريم

    تّفق الرواة والنقّاد العرب على أنّ حسان بن ثابت كان أشعر أهل عصره
    ، وقد خلّف ديوانًا ضخمًا رواه ابن حبيب، إلّا أنّ الكثير من الشعر المصنوع دخل فيه، وقد أكثر حسان بن ثابت شاعر الرسول من شعر الهجاء وما تبقى من شعره كان في الافتخار بالأنصار، فمن خلال شعره يُلاحَظ أنّه اكتسب الرّقة في التعبير وتأثّر بالقرآن الكريم والحديث الشريف
    من شعر حسان بن ثابت

    عفُوٌّ عن الزّلاّتِ، يَقبلُ عُذْرَهمْ ..
    وإنْ يحسنوا، فاللهُ بالخيرِ
    أجودُ وإنْ نابَ أمرٌ لم يقوموا بحمدهِ
    ..... فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدّدُ
    فَبَيْنَا هُمُ في نِعْمَة ِ الله بيْنَهُمْ ...
    .. دليلٌ به نَهْجُ الطّريقَة ِ يُقْصَدُ
    عزيزٌ عليْهِ أنْ يَحِيدُواعن الهُدَى
    حَريصٌ على أن يَستقِيموا ويَهْتَدوا
    عطوفٌ عليهمْ، لا يثني جناحهُ
    . إلى كَنَفٍ يَحْنو عليهم وَيَمْهِدُ

    فَبَيْنَاهُمُ في ذلكَ النّورِ إذْ غَدَا
    إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصِدُ
    فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعاً
    يبكيهِ جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ
    وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشاً بقاعُها
    لِغَيْبَة ِ ما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهدُ

    وفاة حسان بن ثابت

    نقل عن بعض المؤرخين أن حسان بن ثابت قد توفاه الله في الفترة ما بين العام الخامس والثلاثين إلى العام الأربعين من الهجرة النبوية، ويُوافق هذا الوقت غالبًا وقت خلافة الإمام علي بن أبي طالب، وكان عمر بن حسان في هذا الوقت يناهز قرابة المائة وعشرين عامًا.
    ويُقال:  إن وفاته كانت وقت خلافة معاوية بن أبي سفيان، أي: في الفترة ما بين العام الخمسين إلى العام الرابع والخمسين من الهجرة، كما يُقال: أنه قد فقد بصره وأصيب بالعمى الكامل قبل وفاته.