فضل يوم التروية ويوم عرفة
وسبب
التسمية جاءت لفظة تروية لغةً من (رَوِيَ)؛ والتي تأتي بمعنى الشُّرب التام إلى
حين ذهاب العَطش، والشُّرب حتى الشَّبَع، واستسقاء الماء، والتزوُّد بالماء، أمّا اصطلاحاً، فيوم التروية هو: اليوم الثامن من شهر ذي الحجّة، وهو من أيّام
الحجّ، وله اسمٌ آخر؛ وهو يوم النقلة، وسُمِّي بيوم التروية؛ لأنّ الحُجّاج كانوا
يتزوّدون فيه من الماء؛ ليأخذوه معهم من مكّة إلى عرفات، أمّا تسميته بيوم النقلة؛
فذلك لأنّ الحُجّاج يرتحلون؛ أي ينتقلون فيه من مكّة إلى مِنى، وقد ذَكَر
الإمام الحافظ ابن حجر أنّ يوم التروية سُمِّي بذلك؛ لأنّ الناس كانوا يَروون فيه
أنفسهم من الماء، ويَروون فيه إِبِلهم؛ حيث إنّ الأماكن التي سينتقلون إليها خالية
من الماء؛ إذ ليس فيها آبار، ولا عيون ماء.
سبب آخر للتسمية
وسمي بذلك أيضا لحصول التروي فيه من
إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ قال العلامة العيني في «البناية شرح
الهداية»: «وإنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم رأى
ليلة الثامن كأن قائلا يقول له: «إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك»، فلما أصبح رؤي،
أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمن الله هذا، أم من الشيطان؟ فمن ذلك سمي
يوم التروية».
فضل يوم التروية
يوم التروية أحد الأيّام الفضيلة؛ فهو من أيّام
العَشر من ذي الحجّة، والتي أقسمَ الله -سبحانه وتعالى- بها في القرآن الكريم؛
لفَضلها، وعَظمتها؛ فقال: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[٤] وهو من الأيّام التي
يكثر فيها ذِكر الله -تعالى-، ويشمل ذِكر الله -تعالى- التكبيرَ، والتهليلَ،
والتحميدَ، والتسبيحَ، كما أنّ العمل الصالح في هذه الأيّام أفضل أجراً من الجهاد
في سبيل الله -تعالى-؛ قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن أيَّامٍ
العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا يا
رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ
عليهِ وسلَّمَ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم
يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ)،
اختلف العلماء في سبب تسمية جبل عرفات
بهذا الاسم، حيث وردت عدّة أسباب لتسميته، وهي: أن آدم وحواء حينما أنزلهما الله
من الجنة إلى الأرض، أنزلهما في مكانين مختلفين، فكان موقع جبل عرفات هو المكان
الذي التقيا فيه، وتعارفا على بعضهما فيه.كما ورد أن جبريل كان يطوف إبراهيم
عليه السلام ويعلمه المناسك والمشاهد، وكان يطوف به في الجبل، ويردد له قوله
"أعرفت، أعرفت"، وكان يرد عليه بقوله "عرفت، عرفت".
وقيل إنّ الناس يجتمعون في يوم عرفة
على صعيد الجبل، ويتعارفون على بعضهم البعض، وعلى ربهم، فهو يوم تتنزل فيه
الرحمات، وتعتق فيه الرقاب، وهو من خير الأيام التي يستحب فيها عمل الخير، وصيام
ذلك اليوم يكفّر سنة ماضية وأخرى آتية لصاحبه، ولا بد من الإشارة إلى أنه يوم من
أيام الأشهر الحرم، فهو اليوم الذي أتمّ الله فيه نعمته على عباده، وأكمل لهم
دينهم يه.
وتعني كلمة عرفة المشعر الأقصى
من
مشاعر الحج، وهو المشعر الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم، حيث يقف الحجاج عليه بعد
صلاة الظهر في التاسع من ذي الحجة.
وقيل سمي بذلك لأن الناس يعترفون فيه
بذنوبهم، ويطلبون من الله أن يغفرها لهم، وأن يعفو عنهم.
كما قيل إنه مأخوذ من العُرف والذي
يعني الرائحة الزكية، لأنّ رائحته تبقى معطرة زكية بالرغم من انتشار رائحة الدم
والذبائح في منى يوم النحر، أو لأنه واقع في وادٍ مقدّس.
واسم عرفات هو من الأسماء المرتجلة،
وهو ليس جمع عرفة كما يعتقد البعض، وإنما هو مفرد على صيغة جمع. يطلق على جبل
عرفات أسماء متعددة، منها: القرين، وجبل الرحمة، وجبل الآل، والنابت.
1- يومعرفة أحد أيام الأشهر الحرم قال
الله- عز وجل- : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا
فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ
حُرُمٌ) [سورة التوبة : 39]. والأشهر الحرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ،
ورجب ويوم عرفه ن أيام ذي الحجة.
2- يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج قال الله - عز وجل- : (الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [سورة البقرة : 197] وأشهر الحج هي : شوال ، ذو القعدة ،
ذو الحجة.
3-يوم عرفة أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه
قال الله - عز وجل- : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ
فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [سورة الحج:28]. قال ابن عباس –رضي الله عنهما :
الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة.
4-يوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم
فضلها وعلو قدرها قال الله - عز وجل- : (وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [سورة الفجر:2]. قال
ابن عباس – رضي الله عنهما - : إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح.
5-يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من
أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل-
ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل-
؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك
بشيء) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل.
6-يوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن
الخطاب –رضي الله عنه- : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم
تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال:
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ سورة المائدة:5]. قال عمر – رضي الله
عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم
بعرفة يوم الجمعة.
7-صيام يوم عرفة : فقد جاء الفضل في صيام هذا اليوم على أنه أحد
أيام تسع ذي الحجة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها فعن هنيدة بن
خالد-رضي الله عنه- عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (كان
النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر :
أول اثنين من الشهر وخميسين) صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود.
كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع قال الرسول صلى
الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة : يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)
رواه مسلم في الصحيح وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه
يوم عيد لأهل الموقف.
8-أنه يوم العيد لأهل الموقف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم
عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ) رواه أبو داود وصححه الألباني
.
9-عظم الدعاء يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء
دعاء يوم عرفة ) صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة. قال ابن عبد البر – رحمه
الله - : وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.
10- كثرة
العتق من النار في يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من
أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح.
11-مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء قال النبي صلى الله عليه
وسلم: ( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصحح إسناده الألباني
.
12- التكبير : فقد ذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين :
التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة قال ابن حجر
–رحمه الله- : ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث وأصح ما
ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود _ رضي الله عنهم_ أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر
أيام منى) .
وأما التكبير المطلق فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من
أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يكبرون
ويكبر الناس بتكبيرهما) والمقصود تذكير الناس ليكبروا فرادى لا جماعة
.
13-فيه ركن الحج العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)
متفق عليه.
شكرا
ردحذف