-->

على نفسها جنت براقش

                     على نفسها جنت براقش
                         على نفسها جنت براقش

    " على نفسها جنت براقش"؛ هو أشهر الأمثال الشعبية التي رددها العرب قديمًا، وتناقلتها الأجيال دون معرفة من هي براقش؟ وكيف جنت على نفسها.؟ ..و إن كان بقصد أو بحسن نية؟
    ويشار إلى أن براقش ليس امرأة كما ظن البعض، بل هو اسم كلبة كانت لبيت من العرب في إحدى القرى الجبلية في المغرب العربي، وكانت تحرس المنازل لهم من اللصوص وقطاع الطرق، فإذا حضر أناس غرباء إلى القرية فإنها تنبح عليهم وتقوم بمهاجمتهم حتى يفروا من القرية، وكان صاحب (براقش) قد علمها أن تسمع وتطيع أمره، فإذا ما أشار إليها بأن تسمح لضيوفه بالمرور سمعت وأطاعت، وإن أمرها بمطاردة اللصوص انطلقت لفعل ما تؤمر.
    ومرت الأيام وحدث ما لا يحمد عقباه، إذ حضر إلى القرية مجموعة من الأعداء، فبدأت (براقش) بالنباح لتنذر أهل القرية الذين سارعوا بالخروج من القرية والاختباء في إحدى المغارات القريبة، حيث إن تعداد العدو كان أكثر من تعداد أهل القرية، وفعلًا خرج أهل القرية واختبئوا في المغارة، بحث الأعداء عنهم كثيرًا ولكن دون جدوى ولم يتمكنوا من العثور عليهم فقرر الأعداء الخروج من القرية وفعلًا بدأوا بالخروج من القرية، وفرح أهل القرية واطمأنوا بأن العدو لن يتمكن منهم. ولأن براقش اعتادت توديع الغرباء، بدأت بالنباح عندما رأت (براقش) أن الأعداء بدأوا بالخروج، وحاول صاحبها أن يسكتها ولكن دون جدوى، عند ذلك عرف الأعداء المكان الذي كان أهل القرية فيه مختبئين، فقتلوهم جميعًا بما فيهم (براقش)، لذا اعتاد أهل المغرب "ترديد المثل جنت على نفسها براقش"، كلما مروا على القرية ووجدوها خاوية.
    ماذا نتعلم من  قصة المثل
    ومن واقع هذا المثل وقصته نقف على معلومة مهمة، مفادها أن هذا المثل بات اليوم يضرب في غير محله، فهو بات يساق للإشارة إلى تحمّل الشخص مسؤولية أخطائه، بينما المثل في الأساس يضرب على من يجرّ الضرر لأهله وقومه وربعه رغم أنه انتدب لمنفعتهم، فالذي ينتظر منه أن يجلب الخير لأهله وجماعته فيجلب لهم الشر من حيث لا يدري، سواء بوعي منه أو بسوء تصرف فهذا هو من في مقام براقش، التي كانت وظيفتها تنبيه قومها ساعة الخطر، لا أن ترد الأعداء وتقلبهم على قريتها.ولقد كانت خيانة القوم عند العرب، والوقوف مع عدوهم ضدهم كبيرة لا تدانيها كبيرة، فلا يقبل بذلك أحد مهما كان ذا حاجة، ومهما بلغ عرض العدو من مال وسلطان نظير استخدامه ضد عشيرته، وقد يقبل المرء فقدان حياته وماله على أن يحمل على خيانة قبيلته، حتى ولو أصابه منها مكروه بالغا ما بلغ. فتلك كانت شيم العرب حتى وهم بادون في الأعراب، تتنازعهم قسوة الطبيعة وتصاريف الدهر.